#3300ff][تابع دولة فلسطين
وفي مطلع الألف الثاني بعد الميلاد، بدأ السلاجقة ـ وهم ينتمون إلى الجيش التركي ـ يسيطرون على فلسطين بعد أن احتلوا القدس سنة 464هـ، 1071م، ودام الحكم السلجوقي لفلسطين أقل من 30 سنة. أراد الصليبيون النصارى القادمون من أوروبا أن يُسيطروا على فلسطين فبدأت الحروب الصليبية سنة 490هـ، 1096م. واحتل الصليبيون القدس 493هـ، 1099م، واستمروا يحكمونها حتى 583هـ، 1187م، عندما استرجع القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي فلسطين وهزم الصليبيين هزيمة منكرة في موقعة حطين الشهيرة واستولى على حيفا وقيسارية ويافا ونابلس، ثم عقد النية على استعادة بيت المقدس وبالفعل دخلها في 583هـ، يوم الجمعة الموافق 2/10/1187م. واستولى على القدس
الحروب الصليبية. من المعروف أن فترة الحروب الصليبية فترة خطرة جدًا في تاريخ المسلمين عامة وفلسطين خاصة؛ إذ استجابت أوروبا بكل ثقلها لدعوة البابا أوريان التي ناشد فيها زعماء أوروبا أن يستولوا على فلسطين من المسلمين ويقيموا فيها دولة نصرانية. ودامت الحروب قرابة قرنين، ظلت القدس قرابة قرن منهما تحت السيطرة الصليبية حتى حررها المسلمون بقيادة صلاح الدين. ولا يزال التاريخ يروي كيف بطش الصليبيون بالمسلمين بطشًا دمويًا يوم دخلوا بيت المقدس. لكن المسلمين فعلوا عكس ذلك يوم حرروها بقيادة صلاح الدين الأيوبي، إذ كانوا قمة في التسامح، حتى دخلت شخصية صلاح الدين وجدان الرجل الأوروبي بوصفه أنبل فرسان التاريخ وأكثرهم حفظًا للعهود وتسامحًا وعفوًا.
وفي منتصف القرن الثالث عشر الميلادي، استطاع المماليك الذين حكموا مصر، أن يؤسسوا دولة ضمت إليها فلسطين. وقد تميّز عصر المماليك في القدس باهتمامهم بها وترميم مقدساتها الإسلامية، حتى إننا نجد سلاطينهم يكسون قبة الصخرة المقدسة من الخارج بالفسيفساء. وظل المماليك حكامًا حتى تمكن الأتراك العثمانيون من هزيمتهم عام 923هـ، 1517م، وأصبحت فلسطين جزءًا من الدولة العثمانية. وكان العرب المسلمون يشكلون أكثر سكان فلسطين عددًا. ومع بداية القرن السادس عشر الميلادي، أخذ اليهود يهاجرون إلى القدس من مختلف أقطار البحر الأبيض المتوسط ويستقرون فيها وفي أجزاء أخرى من فلسطين. وقد بلغ عدد اليهود في فلسطين عام 1880م حوالي 24,000 نسمة، من أصل مجموع السكان البالغ عددهم 500 ألف، ثم أتت حملات الاضطهاد في روسيا عام 1882 بموجة جديدة من يهود بولندا ورومانيا حتى أصبح هناك خمسون ألف يهودي في فلسطين في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي.
الحركة الصهيونية. ابتداءً من أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، زادت هجرة اليهود بسبب الضغط الذي وقع عليهم في أقطار شرق أوروبا. أنشأ بعض اليهود حركة تعرف باسم الصهيونية، أخذت هذه الحركة تعمل من أجل قيام دولة يهودية مستقلة لهم في فلسطين. وأنشأ الصهاينة مستعمرات زراعية في فلسطين. وفي خلال هذه الفترة، تزايد سكان فلسطين بسرعة. وفي عام 1914م بلغ العدد الإجمالي للسكان في فلسطين 700,000 نسمة؛ كان منهم 615,000 عربي و57,000 يهودي.
التآمر الاستعماري على فلسطين
الحرب العالمية الأولى ووعد بلفور. انضمت الإمبراطورية العثمانية إلى كل من ألمانيا والنمسا والمجر في الحرب العالمية الأولى (1914- 1918م) ضد الحلفاء، وتولت أمر فلسطين حكومة عسكرية عثمانية. وخططت بريطانيا وبعض حلفائها لتقسيم أملاك الدولة العثمانية فيما بينها بعد الحرب. وطالبت اتفاقية سايكس ـ بيكو 1916م بوضع جزء من فلسطين تحت سيطرة حكومة حلفاء مشتركة. وعرضت بريطانيا أن تلبي بعد الحرب مطالب العرب بالاستقلال عن العثمانيين مقابل مساعدة العرب للحلفاء فيما عرف بمراسلات حسين ـ مكماهون. وفي 1916م ثار بعض العرب على العثمانيين اعتقادًا منهم بأن بريطانيا سوف تساعدهم في إنشاء دولة عربية مستقلة في الشرق الأوسط. وكانت فلسطين ضمن المنطقة التي وعدهم الإنجليز بها، ولكن بريطانيا أنكرت ذلك إثر إعلان اتفاقية سايكس ـ بيكو بعد قيام الثورة البلشفية في روسيا عام 1917م.
وفي عام 1917م وفي محاولة منها لكسب الدعم اليهودي لها في الحرب، أصدرت بريطانيا وعد بلفور. نص الوعد على تعهد بريطانيا بمساعدة اليهود في إنشاء وطن قومي لهم في فلسطين، دون الإخلال بالحقوق المدنية والدينية للجماعات غير اليهودية الموجودة في فلسطين. لكن هذا الوعد يناقض نفسه منذ البداية، ذلك لأن قيام دولة يهودية في فلسطين يؤدي بالضرورة إلى الإضرار بحق العرب والمسلمين.
وبعد الحرب، قامت عصبة الأمم بتقسيم الكثير من أراضي الدولة العثمانية إلى أراضٍ واقعة تحت الانتداب.
وفي عام 1920م تلقت بريطانيا تكليفًا بالانتداب المؤقت على فلسطين يمتد من غربي نهر الأردن إلى شرقيه. وكان على البريطانيين أن يساعدوا اليهود على بناء وطن قومي لهم ومساندتهم في إيجاد مؤسسات الحكم الذاتي. وفي 1922م، أعلنت عصبة الأمم رسميًا أن حدود فلسطين تبدأ فقط من الأراضي الواقعة غربي النهر. أما المنطقة شرقي نهر الأردن حاليًا، فقد جعلت محمية بريطانية منفصلة. وقد بدأ تنفيذ الحماية على المنطقتين عام 1923م.
كانت بنود الانتداب البريطاني على فلسطين غير واضحة، ومن ثم فسرتها أطراف عديدة تفسيرات مختلفة. واعتقد كثير من الصهاينة أن بريطانيا لم تفعل شيئًا كثيرًا لدعم شعار الوطن القومي اليهودي. وقد سعى الإنجليز إلى بناء مؤسسات حكم ذاتي، كما تقتضي مهام الانتداب. لكن عروضهم لمثل تلك المؤسسات كانت غير مقبولة من قبل العرب، وبذلك لم تظهر مؤسسات الحكم الذاتي إطلاقًا، وعارض العرب فكرة الوطن القومي اليهودي، وخافوا أن تخطط بريطانيا لتسليم فلسطين للصهاينة بعد أن سمحت بهجرة أعداد كبيرة منهم إلى فلسطين. وفي خلال هذه الفترة، ظهرت أول حركة فلسطينية قومية عربية. وفي مناسبات كثيرة، قامت المظاهرات والصدامات احتجاجًا من العرب على السياسة البريطانية والأنشطة الصهيونية.
في مطلع الثلاثينيات من القرن العشرين الميلادي، جاء إلى فلسطين حوالي 100,000 مهاجر يهودي من ألمانيا النازية وبولندا. وهذه الإجراءات أخافت عرب فلسطين. وقد نظم العرب إضرابًا عامًا شل الحياة في كل فلسطين تقريبًا. واستمر 176 يومًا، وكان الأول من نوعه في العالم.
وفي عام 1939م، أخذ الإنجليز بكل عنف يجددون الهجرة اليهودية وامتلاك الأراضي من العائلات غير الفلسطينية التي أحست بالهلع من جراء الاضطرابات فباعت أراضيها وهربت إلى خارج فلسطين وذلك طوال السنوات الخمس التالية. كما امتلك اليهود أغلبية الأراضي بمساعدة ـ المندوب السامي البريطاني اليهودي هربرت صموئيل الذي استغل وجود قانون عثماني قديم بإعطاء الأرض التابعة للدولة لمن يستثمرها فحول معظم هذه الأراضي لليهود. لكنهم أقروا بأن الهجرة بعد ذلك سوف تعتمد على موافقة العرب[/size][/size][/b]